Wednesday 5 September 2007

كــــــنـــــــــــــــــــــت




هذه أسنان جميلة من المؤسف التخلي عن إحداها, هذا ما قاله الطبيب متناسيا أن ..
هذا الوجع فظيع من المقرف تحمله
وهذه الدورة شهرية من الظلم تكرارها
وهذه الجدة الأخيرة من المحزن التفريط بها
وهذه أم تبحث عن فرحي من القسوة ردها
وهذا الأب متطلب من المنهك مجاراته
وهذا البعد لا ضروري من السخف التواطؤ معه
وهذا القلب مهزوم من الواحد للعشرة

كنت للتو أجرب طعم الفودكا مع عصير التفاح
سألني شخص معرف عن اسمي الغريب, ابتسمت لأسمي وقلت بثقة عمياء أن الأسماء المميزة معدة للأشخاص المميزين , فأخذ ينسب لي خصالا تجعلني شيئا آخر غير الآخرين كما زعم.. ووافقت
توقف عند الصفة الأكثر بريقا وحضورا كما ادعى لأنه لاحظ أن شيئا ما يختلف, شيئا ما أكثر هدوءا وأقل توهجا
_ انطفيت _ رددتها ثلاث مرات ولم أكن هناك
كنت قبل تسع وعشرين عاما , أكثر شجاعة وأقل حنكة
وكنت سأشكره على الطرح

كنت عند الطبيب للمرة العاشرة على التوالي
إنها حربنا الضروس على ضرسك, خذي الدواء وانتظري ريثما يهرب الوجع منهزما وإلا انتصر الضرس وخسرنا المعركة
هذه معارك مؤلمة, تنتقم أسلاك عقلي لعنادي في حرب قاسية على ضرس متآكل , وضيع وأَجْرَب
وأنا كنت أريد طلقة واحدة أسددها نحو رأسي لتذيب أسلاكه وأنتهي من هذا الوجع الخانق المتكرر
لكني كنت عند طبيب الأسنان .. وأنا الآن ,
في جلسة علاجية, عليّ التركيز في الذي لا يقال, ضاجعها بامتنان كأنها تسدي له معروفا, شربا الشفق وانهالت على سمائه كغيمة سوداء تنذر الزرع بمطر " أحبــك" يقول لها دوما
كنت سأخبرها ألا تصدق لهفته, لأن الشيء الذي يدعى ذكرا سيقوم يوما على فحولته ويبحث في عفويتها عن تهم تسد حاجة ما يسميه كرامة إنسان
لا أنا في الحب .... لا أنا في الحب
كلام مليء بالتناقض والدجل
كنت قبل تسع وعشرين عاما , أكثر شجاعة وأقل حنكة
وكنت سأشكره على الطرح

تضحك عمتي أمام قراري الأخير الذي عرضته عليها للتو
_ سأكون لوطية_
تخفض صوت المذياع وتشعل سيجارة, وتحدثني بصوت حنون عن الأسئلة والرموز والحب الخالي من دسم الصراعات على سلطة , أتجاهل كلامها وأًستقر على فكرة _ سأكون لوطية_ وأتسلى بحلة البهائيين المعروضة على الملأ , تتملكني رغبة في الصراخ أمام عرشهم الأنيق والنظيف , المصطنع الذي فيه
المصطنع الذي فينا
كنت قبل تسع وعشرين عاما , أكثر شجاعة وأقل حنكة
وكنت سأشكرهم على الطرح

كنت أجلس في المقهى الصغير ويجلس المصوّر المشهور يتحدث بتهكم وسخرية حمقاء عن الفتاة التي ذهب لتصويرها من أجل نشر فضيحتها بكبريات الصحف المحلية, قلد عبارتها حين منعته وضحك عارضا علينا بعض العبارات التأديبية كما عرضها على الفتاة .. جَلَستُ دامعة وبي رغبة بالتقيؤ , كنت أعرفها
في العشرين لا تزال, طفلة بجسد أنثى, صغير صغرها, وكبيرة في الكذب , كان لها حلما أن تصنع حلوى وتزينها , لكنها اختفت لأن المكان لم يرق لها
احتجزها شهرا كاملا فانتهك ما تبقى من شظايا روح وجسد
لماذا يدخل قضيبا من الحديد الساخن في مؤخرتها ؟
لماذا تلد أم أطفالا لا تحسن المحافظة عليهم ؟
_لا ترديني إلى البيت _ صرخت بأسى , وبغنج متمرس صافحت الشاب الأنيق الذي جلس ينتظر علاجا محكما وعرض عليها الحماية , البطل الذي سيأخذ بيدها الصغيرة نحو الخلاص
كيف أقنع طفلة في العشرين أن قراري التعسفي أفضل من حضن شاب أنيق يعرض عليها الحماية !!
هو في السجن الآن
هي في مصحة للأمراض العقلية
أنا أبحث لها عن مأوى
والمصور يبحث عن فضيحة أخرى
كنت أكثر شجاعة وأقل حنكة
وكنت سأشكرهما على الطرح


كنت قد قررت سابقا أننا نحن المصنفين ضمن فئة المنحازين للعقل, الغارقين في صراعات إثبات, المتشبثين بقضايا انتساب, نحن المنتمين للوهم, بني البشر , الخوّافين من العدم, لا نعرف كيف نحب . وأن هنالك خللا عميقا في تركيبتنا يفضح زيفنا .
كنت قد وعدت أذني على تكذيب كل الوعود الجميلة والعبارات الواعدة التي يعد بها عاشق عشيقته, وعزمت بحرص على تفنيد كلام الغزل المنافق
كنت قد حاولت فك رموز المعادلات الصعبة لأجد نفسي أمام نفسي وأمام لغة لا أفهمها
كنت قد عرفت أن الرجال أصحاب أنا متضخمة وكاذبة
وكنت قد توقعت ذلك قبل أن يحدث لأفيق على غيبوبة أجد فيها النبأ يحقق ذاته
كنت سأبكي كثيرا وسأتذكر كلاما يشبه الأمنيات عن حب خارق لا يشبه حبا , كنت سأهزأ من سذاجتي ومن نيتي الحمقاء التي لم تعرف الخبث , كنت سأمر على مقعد احتوى ليلتي بجواره وأعرف كم كنت حقيقية ومغفلة
وأجدني كما كنت قبل تسع وعشرين عاما, أكثر شجاعة وأقل حنكة
وقلب مهزوم
وكنت سأشكره على الطرح

كنت قد قلت لنفسي وله
لن أشعر بالندم إن حصل ذلك الشيء الذي نخشاه
لن أشعر بالندم إذا اختفيت فجأة وكان قد حصل ذلك الشيء الذي نخشاه
لن أشعر بالندم إذا اختفيت فجأة أو تدريجيا وكان قد حصل ذلك الشيء الذي نخشاه
لن أشعر بالندم إذا اختفيت فجأة أو تدريجيا وبقيت هنا وحيدة , متهمة ومهجورة وحصل ذلك الشيء الذي لم يحصل
وندمت لأنني مغفلة وفظيعة
وكنت كما لو كنت قبل تسع وعشرين , أكثر شجاعة وأقل حنكة
وأريد أن أشكر كلانا على الطرح


كنت سأعود على بدء ويعود الشخص المعرف إلى تساؤلاته المجهولة
_ لا تأتين إلى هنا كثيرا !!؟_
فأرد باقتضاب وبشيء من الاكتراث القليل _ مشغولة_
_ لا زلت متعجرفة_
_ سيدي العزيز, كنت سأشكرك على الطرح

كان قد هددني بالانتقام, خرج ثائرا
أخبرت عمتي بهدوء عن فكرة قتلي بطعنات سكين تؤدبني وأن الشاب المتمرد الذي حلق رأسه صفرا وملأ جسده بالوشم سيتعقبني وقد يقدم على طعني لأنني رفضت تصديقه وصدقت عيونه الحمراء ورائحة فمه
هذا شاب صغير ومتهور, قتلوا أبيه لأنه أراد حمايته منهم وقد يقتلني لأنني أريد حمايته من الحشيش
صعقت عمتي, لكنها حافظت على هدوء المتصوف
ورأيتني ممدة والمصور يضع فوكس على جثتي المطعونة في حين يبحث الصحافي عن عنوان لامع لخبر ألمع
وكانت ستستمر الحياة كما لو أنني لم أكن قبل تسع وعشرين عاما , أكثر شجاعة وأقل حنكة
وكما لو كنت سأشكر أمي على طرحها

3 comments:

ملاك said...

بنت لذينا بهالنص

احسدك على ما عدت به هاهنا, انا اضطرب حين اشهق امام جمال كهذا وصدق بهذا العلو, ولا املك ان اقول شيئاً سوى : الله

Unknown said...

7elo kteer...

نـشاز said...

ملاك يا ورده
وانا لا يسعني سوى التمسك بردك كوجبة آيس كريم في يوم قائظ


برادايس
شكرا كبيرة